ثلاثة سيناريوهات لمستقبل القضية الفلسطينية يرسمها معروف البخيت

ثلاثة سيناريوهات لمستقبل القضية الفلسطينية يرسمها معروف البخيت

أخبار البلد – طرح العين الدكتور معروف البخيت 3 سيناريوهات محتملة، لتطورات القضية الفلسطينية في العام الحالي، مستبعدا التنبؤ بتطورات القضية الفلسطينية خلال المدة المقبلة، بسبب تعقيداتها.

وأجمل البخيت سيناريوهاته، بالتراجع التكتيكي للإسرائيليين عن مواقفهم المتصلبة، أو بعودة الضغوط الأميركية على إسرائيل، للقيام بخطوات محددة ضمن تصور لحل نهائي يُفضي لقيام الدولة الفلسطينية، وأخيرا تدهور وانهيار الوضع الأمني في الأراضي المحتلة، ما سيسفر عنه، حدوث فوضى وشغب عام يصعب التكهن في مدى تطوره.

ورجح رئيس الوزراء الأسبق الدكتور البخيت خلال محاضرة له في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين أمس وقوع السيناريو الأول العام الحالي، عبر ما قد نشهده من تراجع تكتيكي للحكومة الإسرائيلية بتشكيلتها الحالية، أو عند تعديلها، وبالتالي، قبولها لمطالب فلسطينية وعودتها الى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين.

بيد أن البخيت أشار إلى ثبات إسرائيل على مواقفها المتطرفة من القدس كعاصمة موحدة لها، مبينا أن هذا الاحتمال سيكون في إطار محاولة إسرائيلية لكسب الوقت للوصول الى الانتخابات النصفية في أميركا، ومن ثم العمل على إضعاف أوباما وتخفيف اندفاعه.

وفي ثاني السيناريوهات، توقع البخيت قيادة أميركا لإجماع القوى الكبرى، لبدء فرض إملاءات على إسرائيل، لتقوم بخطوات محددة تجاه إحلال السلام، ضمن تصور شامل يتفق بموجبه على قضايا الوضع النهائي، وإقامة الدولة الفلسطينية، ما قد يؤدي الى تغيير الحكومة الإسرائيلية أو الذهاب الى انتخابات مبكرة، وهو ما سيستنزف المزيد من الوقت.

إلا أن البخيت ربط سيناريو التحرك الأميركي لحاجته الى إنجاز في ملف السلام الفلسطيني الإسرائيلي، ما يمنحهم الفرصة للتفكير بعمل عسكري ضد إيران، وسط ضمانة رضى وتعاون دول عربية.

وبين أن السيناريو الأميركي في الضغط على إسرائيل لصالح تحقيق إنجاز على صعيد القضية الفلسطينية، سيسهل مهمة أميركا العسكرية في العراق وأفغانستان وباكستان.

وفي ثالث السيناريوهات التي توقعها البخيت لتطورات القضية الفلسطينية خلال العام 2010، أشار الى إمكانية تدهور أو انهيار الوضع الأمني في الأراضي المحتلة وحدوث فوضى، ما سيعقد التكهن في مدى تطور الأوضاع هناك، أو في ردود أفعال الأطراف المختلفة.

وأضاف أن ذلك قد يحدث إما نتيجة غياب الرئيس محمود عباس على نحو مفاجئ طوعاً أو قسرا، ومن ثم حدوث خلافات وانقسامات داخل القيادات الفلسطينية، أو حل السلطة الوطنية طوعاً مع خروج أغلبية القيادات من الأراضي المحتلة، أو بدء انتفاضة نوعية جديدة تلقائية، تأخذ من أشكال المقاومة السلمية والشغب العام صورة لها، مرجحا حدوث ذلك إذا ما استمرت إسرائيل في اعتداءاتها على الأماكن المقدسة وبخاصة المسجد الأقصى.

وحيال الموقف الإسرائيلي، قال البخيت إن “الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تؤمن بحل الدولتين، وإنما تؤمن بإمكانية البدء بخطة تنمية اقتصادية في الضفة الغربية، يتلوها إيجاد ترتيبات للعيش المشترك مع الفلسطينيين كسكان في الأراضي”.

وأشار إلى نطق نتنياهو “بالكلمة السحرية (الدولة الفلسطينية)” إلا أنها ما تزال مثقلة بشروط تعجيزية، وإحالة الدولة الفلسطينية الى كيان ذاتي محدود السيادة.

وبين أن أمام نتنياهو ثلاثة خيارات: إما استمرار الخندقة وشن هجوم دبلوماسي وإعلامي لإجبار الرئيس أوباما على التراجع عن موقفه، أو الرضوخ والاشتباك الإيجابي والتعاطي مع الجهود الأميركية والدولية، أو المناورة والتملص من الضغوط بإبداء مرونة في الشكل مع تصلب في الجوهر.

وعن خياري الخندقة والرضوخ، رجح أنه قد يؤثر على ائتلاف حكومة نتنياهو، أما في حال استمر الضغط الأميركي على اسرائيل، وبقيت الأخيرة معزولة، فقد يؤدي ذلك الى شلل في الحكومة الإسرائيلية.

أما حول توقع البخيت لسلوك نتنياهو السياسي في المرحلة المقبلة، فرجح خيار المناورة والمماطلة، بانتظار حصول تطور ما، تضطر معه أميركا وأوروبا الى تحويل الأنظار عن اسرائيل، الى جانب احتمال لجوء نتنياهو الى خلق ظروف معينة لتحويل الانظار، كشن هجوم على لبنان أو غزة، وبذلك ستكون اسرائيل اشترت الوقت للوصول الى الانتخابات النصفية الاميركية، مبينا أن الاميركيين يدركون الرهان الاسرائيلي.

ووسط إجماع عربي لخياراتهم الاستراتيجية سلفا لصالح السلام، ووسط تعنت إسرائيل، طرح البخيت بدائل امام العرب، أجملها بالاستفادة من فترة الترحيل لغاية شهر ايلول (سبتمبر)، والاستمرار في التعاون للضغط على اسرائيل، واكتساب المزيد من التفهم والدعم الدوليين، والتحضير للإجابة على سؤال: ماذا لو فشلت الجهود السلمية، ووضع تصورات للجهود حول ذلك في المرحلة المقبلة.

لكن البخيت، وجه اللوم للإعلام العربي العاجز عن نحت مصطلحات جديدة تدين الانتهاكات الإسرائيلية على الأراضي المحتلة.

وقال البخيت إنه “يجب تصوير الدول الداعمة لإسرائيل على أنها دول تؤيد احتلال أراضي الآخرين بالقوة، وأن تهريب السلاح لغزة هو في إطار مقاومة المحتل”.

ويعود البخيت الى طرح البدائل أمام العرب في مواجهة التعنت الإسرائيلي، مشيرا إلى أنه على الجانب العربي، عدم الانسياق وراء طروحات مستجدة وجزئية بذريعة تشجيع اسرائيل، وضرورة الإصرار على ما ورد في خطة خريطة الطريق من تزامن وتبادلية وحسب المراحل الواردة فيها، مع ملاحظة أن اسرائيل قد تلجأ الى إجراءات تكتيكية تستهدف تفكيك الإجماع العربي وشرذمته.

ووسط البدائل التي اقترحها البخيت لمواقف العرب في تعاملاتها مع اسرائيل اقترح البخيت اللجوء الى إصدار قرار من مجلس الأمن، يفرض حلاً قسرياً للقضية الفلسطينية، كبيان لكيفية حل قضايا الوضع النهائي، ما يتطلب إدامة الاتصال مع القوى الكبرى باستمرار لضمان الحقوق العربية، ويتطلب ايصال اميركا لمرحلة عدم استخدام حق الفيتو، وهو ما يبدو على أنه رغبة بإجماع دولي يحفظ ماء وجه اميركا.

كما اقترح إمكانية الطلب الى مجلس الامن، بإصدار قرار ينهي الاحتلال الاسرائيلي عام 1967، واقامة دولة فلسطينية، وبذلك تقوم الامم المتحدة بإدارة الاراضي المحتلة مؤقتاً في اطار الوصول لحل شامل، وهو قرار لا بد وأن يشمل الاراضي السورية واللبنانية المحتلة، ما سيأتي في اطار حل شامل يحقق السلام وينهي النزاع، والبدء بدراسة قضيتين لا بد من ايجاد حلول لهما وهما: لاجئو 1948 والكتل الاستيطانية.

لكن البخيت الذي اعتبر الوضع الفلسطيني في الداخل محزنا ومؤسفا، أشار إلى أن جميع الدول المعنية بالشأن الفلسطيني، بدأت تدرك مدى تعقيد القضية الفلسطينية من الداخل، وصارت تلك الدول تتجنب التدخل على نحو منفرد، وتفضل وجود إجماع عربي.

وبين أن الخلافات الفلسطينية الحالية، تُذكر بالخلافات بين القيادات الفلسطينية في الثلاثينيات والاربعينيات. ما أدى مع جملة أمور أخرى الى نكبة 1948.

كما اعتبر أن منظمة تحرير فلسطين التي سعت دوماً الى استقلال القرار الفلسطيني، وانتزاع اعتراف إقليمي ودولي بها، وعقدت اتفاقية اوسلو، وبعد وصولها الى طريق مسدود، أعادت اليوم رمي الكرة الى الحضن العربي.

وأشار البخيت الى أنه ومنذ انطلاقة فتح العام 1965 تأكدت الفصائل فيما بعد، وبعد هزيمة 67 عدم قدرة العرب على هزيمة اسرائيل عسكرياً، وضرورة أن يكون قرارهم مستقلاً بإدامة الكفاح المسلح، إلا أنه وبعد اقامة السلطة تحولت المنظمة عن نهج المقاومة وتحولت الى إدارة مدنية سياسية، ونتيجة ذلك، غابت عن التنظيمات حقيقة عدم توازن القوى في العمل السياسي.

وفي الشأن المحلي، أكد البخيت إصرار الأردن من خلال جلالة الملك عبدالله الثاني على الرئيس جورج بوش، بتبني خطة خريطة الطريق بما فيها من التزام بإقامة الدولة الفلسطينية، مُذكرا بأن جلالة الملك هو أيضا من أقنع أوباما بأن حل القضية الفلسطينية مصلحة استراتيجية للولايات المتحدة الأميركية.

وبين أنه في الوقت الذي لا يتاح فيه للاردن تطوير خيارات لكل سيناريو محتمل في المنطقة، فإن الأمر مع القضية الفلسطينية مختلف، ما يحتم على الأردن تطوير خيارات سياسية فاعلة للتعامل مع البيئة والظروف، وعلى السياسة الاردنية أن تطور خيارات سياسة مرنة مع إعادة التموضع للتعامل مع القوى المختلفة على قاعدة مصالحنا هي التي تملي تحالفاتنا، بإدامة الهجوم الدبلوماسي الفعال الذي يقوده جلالة الملك والضغط على إسرائيل، ووضع العالم أمام مسؤولياته، ما يتطلب داخلياً إدامة التركيز على الأهداف وإذكاء الوعي الشعبي، وسط تماسك الأردنيين وتوحيدهم وثباتهم صفاً متراصاً خلف قيادة جلالة الملك.

أضف تعليق