كاتب أردني يوضح انتهاء سنوات الجفاء بين الرئيس عباس والملك عبدالله الثاني

 

 عمان : قال الكاتب فهد الخيطان في مقال له إن زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى عمان فقط هذه المرة تحولت لحدث يلفت الاهتمام، وجدير بالمتابعة من طرف وسائل الإعلام. فلسنوات مضت، كانت زياراته لكثرتها خبرا روتينيا، يؤكد ما هو مؤكد من علاقات مميزة بين الجانبين الأردني والفلسطيني.

ورأى في مقال الذي نشر في موقع جريدة الغد الاردنية: “أخيرا حل عباس ضيفا على مائدة الملك الرمضانية. وإذا كان للصورة التي نشرها الديوان الملكي من معنى، أمكن القول إن الدفء عاد ليسري من جديد في العروق”.

وأضاف أنه ليس سرا أن الأردن كان غاضبا من عباس والقيادة الفلسطينية، واتهمها بسوء التنسيق المتعمد مع الأردن في المحافل الدولية، خاصة في مجلس الأمن بعد إصرار القيادة الفلسطينية على عرض قرار الاعتراف بدولة فلسطين على التصويت، رغم تحذير الأردن من النتائج السلبية المعروفة سلفا. ولاحقاً، حمّل الأردن قيادة “السلطة” جانبا من المسؤولية عما آلت إليه المبادرة الأردنية لنصب كاميرات في ساحة الحرم القدسي الشريف.

وتابع: في جعبة الأردن تفاصيل أخرى عن تصرفات غير منصفة من طرف قيادات في “السلطة” تجاه الأردن. كل ذلك أفضى إلى ما يشبه القطيعة بين القيادتين، بدت جلية في انقطاع زيارات عباس للأردن، وغياب الاجتماعات على مستوى القمة. لكن تحولا ما في العلاقة كان لا بد أن يحدث، لاعتبارات موضوعية ليس بمقدور الجانبين تجاوزها.

وقال: إن الأردن على وجه التحديد، وفي عهد المملكة الرابعة على وجه الخصوص، لم يكن معينا أبدا بالتلاعب في الخيارات الفلسطينية لمصالح خاصة. فعلى خلاف ما كان سائدا من شكوك في الماضي، أظهر الملك عبدالله الثاني، ومنذ تسلمه السلطة، إخلاصا لا مثيل له لدعم خيارات الشعب الفلسطيني؛ مجردا من أي مطامع، ومتحللاً من تركة الماضي الثقيلة. ولم ينافس السلطة الفلسطينية على شرعيتها، ولم تسجل عليه يوما محاولة التفاوض من خلف ظهرها، أو الضغط عليها للقبول بحلول لا ترضى عنها.

وواردف: الرئيس الفلسطيني حظي في عهد الملك عبدالله الثاني بدعم لم ينل مثله من دولة عربية. ولهذا السبب ربما كانت ردة فعل الأردن قوية لما عُدّ بأنه نكران من جانب القيادة الفلسطينية للإخلاص الأردني.

ويرى أن الزيارة الأخيرة تؤشر على أن الأردن قرر طي صفحة الجفاء مع السلطة الفلسطينية، واستعادة زخم التنسيق كما كان في السابق، في مرحلة تعاني فيها القضية الفلسطينية من إهمال دولي، وتجاهل لمعاناة الشعب الفلسطيني وسياسات إسرائيل المتوحشة بحقه. الأردن أول المتضررين من تهميش القضية الفلسطينية. ورغم قناعته بانعدام فرص تحريك مفاوضات السلام، إلا أنه مثل فريق خاسر، سيبقى يقاتل حتى الدقيقة الأخيرة من المباراة لتعديل النتيجة.

وختم الخيطان مقاله، عودة المياه إلى مجاريها مع عباس تدحض المزاعم التي راجت مؤخرا عن دعم أردني خفي لمحمد دحلان ليكون بديلا لمحمود عباس.

كما تدحض أكذوبة الكونفيدرالية التي زعم البعض أن الأردن يحبك خيوطها من وراء ظهر القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني.

عن هذه الإعلانات

من حين لآخر، قد يشاهد بعض من زائريك إعلانًا هنا

رغم أنف حادثة البقعة .. (ضفتا القلب) بخير

r jo

ابراهيم قبيلات

رغم علامات القلق الشعبي التي كشفتها عملية البقعة حول متانة (الوحدة الوطنية) إثر زعيق بعضنا بما يعيب، إلا أن العملية نفسها أظهرت تماسكا يدعو للاطمئنان بأن فينا عقلاء كثر، لا يسمحون لحاجز النيران أن تحرق أصابعنا.

نعم، سمعنا خلال الأيام الماضية كلاما نخجل من إعادته، لكن بالمقابل سمعنا كلاما من “ضفتي القلب” يؤكد باننا بخير.

لن نجرؤ على التمني أن لسان الشيطان سيزول، واننا لن نعود لسماعه مرة أخرى، لكننا نجرؤ وبثقة لنقول إن بيننا ضمانات بشرية، تشّكل صمام أمان وتحول دون احتراق المجتمع بنيران العنصرية.

هو مكتب مخابرات لواء “عين الباشا” الذي وقع فيه ما أبكانا جميعا، فما علاقة المخيم به!

محاولات اختراق الانسان فينا لم تخضع فقط لمشهد اطلاق النار على أقدامنا عندما شتم قلة مجتمعا بأسره، وحاول شيطنته، ثم فشل، بل هناك مشاهد أخرى أدمت قلوبنا ولم تسعفنا الادوات لمحاولة صدها، ذلك أنها مشاهد اقتربت من اللسان الرسمي، عندما وضع التلفزيون الرسمي والدا مكلوما ليس لظرف ابنه، بل لان ابنه فعل ما فعله.

وضعناه أمام الكاميرا وجعلناه يبكي دما على ما اقترف ابنه المتهم. ودفع فواتير اخطاء غيره، حتى وإن كان ابنه، في مخالفة لابجديات الدولة القانونية التي ننشد بل والعرف الاجتماعي الذي ندين.

ليست القصة فقط في “لا تزر وازرة وزر أخرى” بل في حالة الارتباك الرسمي التي ظهرت في أوجها خلال الأيام الماضية.

كنا ننتظر الحقائق والبيانات والمعلومات لنتمكن جميعا من بلورة موقف وطني يعزز أمن الدولة أولا والمجتمع ثانيا. لكن استعاض الخطاب الرسمي عن ذلك باستدعائه خطابا مسرحيا فقيرا ومشوها ومؤلما، في محاولة لتغطية فشله، فاقترف خطيئة حاول فيها تهدئة الشارع، لكنه “بدل من تكحيل العين عورها”.

كان يكفي الخطاب الرسمي التأكيد على أن المجتمع – كل المجتمع – متماسك أمام هذه الفعلة الشنيعة. وكان يكفيه أيضا وضع المعلومات على طاولة المجتمع ليضمن وقوفه إلى جانبه في إدارة محنتنا جميعا.

هذا يؤكد ضرورة تشكيل خلية (أزمة اجتماعية) تنهض بالمجتمع فور وقوع أحداث تهدد أمنه، من دون أن نترك هوامش كثيرة يضطر معها المواطن البسيط إلى تكملة الفراغ حسب أهوائه ومجريات الشائعات.

ليصمت صناع الفتن والخراب

human
ماجد توبة
يبدو ان شغب الملاعب والإسفاف الذي يسجل فيها من قبل أعداد من المشجعين والمس بكل مقدس نخرا في الوحدة الوطنية وتجرؤا على الثوابت الوطنية والقومية وحتى الانسانية، قد انتقل، أو بالأحرى ترسخ، في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي بعض مواقعنا الالكترونية، التي تزعم لنفسها قبل أن تضلل الآخرين، بأنها تقدم عملا صحفيا!
لا يمكن تصور حجم الإسفاف والتضليل والغرائزية التي ينزلق إليها سريعا عدد من الأشخاص والإعلاميين والسياسيين والشخصيات العامة، على مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض ما ينشر ببعض المواقع الالكترونية، عندما يقع حدث ما أو يصدر تصريح أو تعليق ما هنا أو هناك، حيث تتقدم الصفوف قلة من مدعي الصحافة والثقافة والوطنية، ليقودوا -وللأسف- قطيعا من الغوغاء والجهلة لحفلات من الردح والنخر بثوابتنا الوطنية والإنسانية، وجر الناس إلى حواف فتن لا يشعلها إلا غبي مريض، أو ذكي باحث عن دور وشعبوية، حتى لو كانت فوق جبل من الخراب والجثث والفوضى.
لن نذهب إلى تفسيرات عقلية المؤامرة الخارجية لقراءة المشهد في بعض المحطات، التي نجد فيها أنفسنا وسط قرع لطبول الفتنة والتقسيم والغرائزية، رغم أن على غربنا يربض أبشع عدو لا يتورع عن بث الفتن والسموم والسعي لدب الفوضى وضرب تماسكنا ووحدتنا، بما يصب في صالح قوته واحتلاله وأطماعه. إلا أن القراءة الموضوعية للمشهد تشير إلى أن النخر الداخلي و”السوس” الداخلي قد يكون أخطر أحيانا كثيرة من سموم وفتن عدو واضح وظاهر ومعلن.
تصدم أحيانا كثيرة وأنت ترى البعض، من أشباه مثقفين و”قيادات” شعبوية ومثقفة وإعلامية، تتصدر المشهد في بعض الأحداث والمحطات، وتشعل الفضاء الالكتروني بحرب داحس والغبراء، واخراج كل ما يثير الفتن والفرقة والانقسام، وكأن الواحد فيهم قد دخل بشجار شخصي مع آخر، حيث لا يتورع عن القذف والسب والشتم وإبراز ساديته وشوفينيته وعنصريته المقيتة، وليذهب من حوله والوطن والعالم بعده إلى جهنم. تستغرب أن البعض وكأنه يريدنا أن نستنسخ التجربة السورية والعراقية والليبية، أو على الأقل لا يهمه إن وصلنا -لا سمح الله- إلى هذه المرحلة، فقط ليفرغ ما في جوفه من إسفاف وجهل وعنصرية.
لا أتحدث هنا عن الناس العاديين، رغم أني لا أبرئ غبيا أو جاهلا أو سفيها لا يتقي الله في أهله وبلده واستقرار وأمن وطنه، لكن الكارثة والمصيبة الجوهرية والأساسية، في مثقفين وكتبة وصحفيين وسياسيين وناشطين مزعومين، ممن يتقدمون الصفوف والواجهات، لخلق أجواء التقسيم والفتن، وحرف القضايا وقراءاتها وتفسيراتها إلى ما تحمله نفوسهم المريضة وثقافتهم ورؤيتهم السياسية المشوهة والشوفينية، بحيث يقودون مجموعات من الغوغاء والجهلة، وحتى البسطاء أحيانا، إلى مستنقع الفتن والانقسام.
ما هي الصحافة والثقافة والوجاهة السياسية إلا إن كانت تحمّلا للمسؤولية والالتزام بالصالح العام؟ هل يمكن أن تكون صحفيا أو مثقفا أو كاتبا حقيقيا أو سياسيا وطنيا، إن لم تسعَ إلى التنوير وسيادة القانون، وإن لم تلتزم بإشاعة السلم والانسجام بين مختلف مكونات مجتمعك ودولتك، والانطلاق في الاختلاف بالرأي والبرامج والرؤى السياسية من ثوابت القانون والدستور وتعزيز الوحدة الوطنية والحرص على أبنائك وأبناء المجموع العام من الانزلاق إلى الفوضى والفتنة والانقسامات المدمرة مجتمعيا ودينيا واثنيا وسياسيا، واستباحة أعراض وحقوق الناس أو شرائح منهم؟!
وقد يكون الأخطر في هذا السياق ما يقع به بعض صحفيين وكتاب ومواقع الكترونية إخبارية عندما يتجاوزون بتغطياتهم وأخبارهم و”اشاعاتهم” كل أسس المهنية والموضوعية، والأدهى قفزهم عن المسؤولية الاجتماعية وحتى القانونية، بحثا عن إثارة وقرّاء وجماهير، أو حتى تنفيسا عن جهالة وإسفاف وعقد شخصية، في منابر عامة يجب أن لا يعتلوها لولا الفوضى الأخلاقية والمهنية والقانونية السائدة.
الحروب والفتن والفوضى تبدأ بأنصاف شعراء وصحفيين ومثقفين وفارغين متنطحين للوجاهة والسلطة، يعلو صوتهم فوق صوت غالبية الشعراء والمثقفين والصحفيين والسياسيين الحقيقيين، وعندما يتنازل الأخيرون عن دورهم بتعرية وكنس صناع الفتن والخراب.

تجاوز لحساسيات في السعودية وتركيا وزي القدس لأقدم كتيبة في الجيش تحمل اسم ولي العهد

d97c7753f74466c1e92b48a6fd755074bd784cc6.png

 

القدس العربي-بسام البدارين: تحشد النخبة الأردنية بكل ألوانها وأطيافها مع الضيوف وأهم الدبلوماسيين والضيوف العرب في ميدان عسكري وسط الديوان الملكي الهاشمي أمس الأول رسالة «سياسية وأمنية» أردنية بامتياز لها دلالاتها بعد التغيير الوزاري الأخير والتحضير لانتخابات البرلمان.
«استعراض العلم» الذي قدمته التشكيلات والوحدات العسكرية في الجيش العربي الأردني الخميس تتويجاً لاحتفالات المملكة بعيد الاستقلال ومئوية الثورة العربية يراد به مجدداً وفي الجانب السياسي التذكير بمنعة الدولة الأردنية وتراثها الوطني الخاص بالثورة العربية الكبرى وسط التعبيرات النامية عن الهوية السياسية واحياناً الطائفية والقومية في المستوى الإقليمي.
لا يتردد السياسيون في الأردن ومنهم وزير الاتصال الذي بقي في موقعه بعد التغيير الوزاري الأخير الدكتور محمد مومني في الإشارة إلى ان الاحتفالات خصوصاً في طابعها العسكري فرصة لتذكير الجميع بأن الأردن دولة مؤسسات تتميز بالهيبة ولن يتسامح إزاء أي محاولة للعبث بالأمن الحدودي وتحت أي عنوان.
الأمن الحدودي هو أكثر عبارة تتردد على لسان كل المسؤولين العسكريين والسياسيين الأردنيين خصوصاً مع إغلاق الحدود مع سوريا والعراق وفي ظل اشتعال الأحداث الأمنية في الأنبار ودرعا المجاورتين وخلال استعراضات عسكرية سابقة حذر رئيس الأركان الجنرال مشعل الزبن من أن اليد التي تحاول العبث في الأمن الأردني ستقطع من الكتف.
لاحقا فهمت «القدس العربي» من المومني أن الأمن الحدودي هو أساس الإستراتيجية الأردنية وان الوسائل الدفاعية القتالية على الحدود مع العراق وسوريا هي الأحدث في تقنيات العالم وأن حماية حدود الوطن لا تعني الجانب الأمني فقط بل الانفلات والتهريب والمخدرات والتسلل والحرص على بقاء مشكلات العراق وسوريا خارج حدودهما وكل من تسول له نفسه العبث بالقانون الأردني.
في قياسات المومني ورفاقه في الوزارة الأردنية التشكيلات التي تدعي الجهاد في العراق وسوريا قرب الحدود الأردنية هي عصابات إرهابية إجرامية ليس أكثر ستواجهها المؤسسات الأمنية عند الاقتراب وليس العسكرية.
في كل الأحوال لاحظ المراقبون بان الاستعراضات العسكرية التي ظهرت مؤخراً في الأردن خصوصاً في مجال رمزية الرايات الإعلام لا تعكس فقط رسائل تطمين أمنية للداخل الأردني بقدر ما تعكس أيضاً للإقليم والخارج رسائل سياسية لها دلالاتها.
الأردن ومؤخراً وبهذا المعنى اصر على المضي قدما في احتفالات ضخمة بمناسبة الاستقلال ومئوية الثورة العربية الكبرى رغم ما يثار خلف الكواليس الدبلوماسية والمحلية حول احتمالات إثارة مثل هذه الاحتفالات الوطنية لحساسيات مع دول مجاورة وصديقة من بينها السعودية وتركيا.
وقرار عمان من البداية كان يمضي على اساس ان دور الأردن عندما يتعلق الأمر بأمن الإقليم والحفاظ على الأمن الحدوي ليس للأردن ولكن للعراق وسوريا ايضاً لا يمكن تجاهله وان مبادرات الأردن في التصدي للإرهاب خصوصاً إذا حاول العبث والاقتراب من الشمال والشرق حيث العراق وسوريا ستكون بأولوية أمنية ووطنية وبصرف النظر عن اعتبارات الآخرين.
الحاجة على هذه الأسس بدت ملحة للتركيز في هذه المرحلة على البعد التعبوي والمعنوي الوطني الذي يحشد الأردنيين في الواقع خلف مؤسستهم ودولتهم وبصورة لاحظ كثيرون انها انعكست في أجواء الاحتفالات الشعبية بعيد الاستقلال السبعين خصوصاً مع تمتع الأردنيين بالأمن والإسترخاء الأمني رغم الضائقة الإقتصادية قياسا بالجوار المشتعل.
لذلك كانت الاحتفالات والاستعراضات العسكرية طوال العام الماضي مسيسة بامتياز ومليئة بالدلالات التي يمكن استنطاقها فخلال استعراض العلم العسكري الأخير قامت الوحدة القتالية التي تحمل اسم ولي العهد الشاب الأمير حسين بن عبدالله وهي اقدم كتائب الجيش العربي بارتداء «زي القدس» الذي يظهر علناً لأول مرة وهي تسلم ولي العهد راية الثورة العربية. قبل ذلك وفي خطاب عيد الاستقلال تحدث العاهل الملك عبدالله الثاني عن دورعائلته وبلاده في رعاية المقدسات في مدينة القدس قبل ان يتطرق للموضوع نفسه في خطاب التكليف الأخير لرئيس الوزراء الجديد الدكتور هاني الملقي.
وعلى هذا الأساس يمكن القول أن احتفالات واستعراضات مئوية الثورة العربية الكبرى في جرعة مضاعفة في الإعلام وجميع سفارات الخارج ومدارس الداخل هذه المرة ملغمة بمشاعر الاعتزاز الوطني والتحشيد العاطفي وملغزة بالرسائل السياسية مع مسحة ثقافية وفنية ظهرت هذه المرة خارج تقاليد بيروقراطية المؤسسات لتساهم في بهجة الشارع.

لا خيار أردني إلا هذا الخيار !

تنزيل-46

لا خيار أردني إلا هذا الخيار !

جدّد بعض الأصدقاء الأعزاء الحديث «كتابة « عما كان عنوانه «الخيار الأردني « بالنسبة للقضية الفلسطينية ولكن بعيدا عن المفاهيم السياسية التي كانت طرحت قبل قمة الرباط العربية في عام 1974 وأيضا التي كان تم تداولها ، بدون إحراز أي نجاح وأي تقدم ، بعد إخراج منظمة التحرير وقواتها وفصائلها من بيروت عام 1982 ولاحقا من كل الأراضي اللبنانية بعد مواجهات طرابلس اللبنانية التي اشتركت فيها اسرائيل إلى جانب أتباع هذا النظام السوري ما غيره الذين كانوا ولا زالوا بمثابة بنادق للإيجار … ولمن يدفع أكثر وكان من الذين يدفعون أكثر لمعمر القذافي !!.

قبل أن تتخذ قمة الرباط قرارها بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني تحدث الراحل الكبير الملك حسين الذي نسأل الله له الرحمة الواسعة عن ضرورة دعم الأردن ومساندته لخوض المعركة السياسية المتعلقة بمصير الضفة الغربية على إعتبار أنها كانت ولا تزال «شرعيا» ، أي في ذلك الحين في عام 1974 ، جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية مع تعهد بإعتبارها أمانة ستتم إعادتها ‘إلى الشعب الفلسطيني بعد تخليصها من الاحتلال لكن هذا «الخيار» لم يقبله الأشقاء في منظمة التحرير ولم يؤيده أي من العرب وذلك مع أنه جرى التنويه الى الخوف من تمسك الإسرائيليين بعدم اعترافهم بالمنظمة وتمسكهم بأن ما احتلته في حرب حزيران (يونيو) لم يكن دولة مستقلة .

في كل الاحوال ونظرا لعدم الإستماع إلى رأيه هذا فقد أعلن الأردن موافقته على قرار قمة الرباط بإعتبار منظمة الحرير ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني وبقي يتعامل مع كل شؤون وشجون القضية الفلسطينية على هذا الأساس وكان أول من اعتبر أنّ السلطة الوطنية دولة مستقلة وتبادل معها السفراء وعلى غرار ما هو قائم الآن والمؤكد أنه سيبقى قائما إلى ان تطبق إتفاقيات أوسلو وينحسر الاحتلال عن الضفة الغربية ..وبعد ذلك .

إن هذا هو الموقف الثابت والمتواصل والمستند إلى القناعة الراسخة بضرورة احترام رغبة الأشقاء الفلسطينيين الذين لهم علينا ، على الشعب الأردني والمملكة الأردنية الهاشمية ، الدعم والمساندة وعلى اعتبار أن قضية فلسطين هي قضية أردنية من المنطلق القومي وأيضا من منطلق أن ما بين الأردنيين والفلسطينيين يرتقي إلى منزلة الشعب الواحد إن في الماضي وإن في الحاضر وإن في المستقبل الذي سيصنعه الشعبان معا والذي بالتأكيد سيكون مستقبلا واعدا وبالمواصفات التي نسعى اليها ونحلم بها الآن في هذه المرحلة المصيرية الصعبة .

وهكذا فإنه على الأشقاء الذين أثاروا مسألة «الخيار الأردني» وإن على غير ما كان مطروحا في مراحل سابقة أن يعرفوا وأن يتأكدوا بأن لا خيار للأردن والأردنيين بالنسبة للقضية الفلسطينية الا دعم الشعب الفلسطيني ، الذي هو شعبنا نحن منه وهو منا ، ليس بكل أشكال الدعم فقط بل بكل ما نملك حتى بما في ذلك الأرواح ، وإلى ان تقوم الدولة الفلسطينية المنشودة وعاصمتها القدس الشريف وبعد ذلك فإن لكل حادث حديث ومع الإصرار على أننا شعب واحد.. أبناء أمة واحدة .

إنه لا عودة وعلى الإطلاق إلى «الخيار الأردني « لا بالصورة التي كان طُرح فيها في ظروف وأوضاع تجاوزتها مستجدات كثيرة ولا بأي صورة أخرى فخيار الأردن هو تحويل حلم الدولة الفلسطينية المستقلة الى حقيقة وعلى أساس إنسحاب الإسرائيليين من الضفة الغربية وفقا لحدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 ومن ضمن ذلك بالطبع القدس الشريف التي ومنذ الآن هي عاصمة الشعب الفلسطيني وعاصمة دولته المستقلة .

صالح القلاب

الخيار الاردني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

2de4bae

نبيل عمرو
كاتب وسياسي فلسطيني
أقترح استبدال هذا المصطلح المستهلك وغير الموضوعي بعنوان آخر قد يكون أكثر دقة وضرورة٬ وهو العلاقة الأردنية ­ الفلسطينية حاضًرا ومستقبلاً.
ومفيد هنا أن نذّكر ببديهية منطقية٬ وهي أن عجلة التاريخ لا تعود إلى الوراء٬ وأن ما كان قبل إعلان المغفور له الملك حسين فك الارتباط مع الضفة لن يعود ثانية٬ فقد مر وقت طويل على الارتباط وفك الارتباط٬ وخلال هذا الوقت جرت متغيرات عميقة في المعالجات السياسية٬ ونشأت معادلات محلية وإقليمية ودولية تجعل كل ساكني الشرق الأوسط٬ ومن ضمنهم الفلسطينيون والأردنيون٬ يفكرون بصورة جديدة٬ أي مختلفة تماًما عّما كان٬ ذلك أن الحرب العالمية الجارية الآن في داخله٬ وعلى حدود معظم دوله٬ لا تزال في أوجها٬ ولا أحد من اللاعبين الكبار والصغار٬ المقتدرين والمغلوبين على أمرهم٬ يعرف مصيره٬ ما إذا أسفرت هذه الحرب عن تقاسم يشبه ذلك التقاسم الذي وقع قبل مائة عام من الآن. وفي هذه الحالة٬ حيث الأردن في عين العاصفة٬ مع أنه الأكثر أماًنا في محيطه وجواره٬ وفلسطين صاحبة المصير الأكثر غموًضا في هذه المرحلة٬ لا يناسبهما مجرد التفكير في صيغ وحدوية أو حتى انفصالية٬ بل الأجدى والأكثر ضرورة أن تدار العلاقة المركبة بين الجانبين بأقصى درجات الحذر والحسابات الدقيقة للمصالح الآنية التي يمكن أن تشكل أساًسا للعلاقات المستقبلية وكيف تكون.
إن الذي دفعني للحديث عن هذا الأمر في هذا الظرف بالذات٬ ظهور بعض الأصوات المتذمرة التي دفعها تدهور الأوضاع السياسية في الضفة٬ وانعدام آفاق التحرك الفعال٬ نحو حٍل يفرز دولة مستقلة٬ أو حتى شبه مستقلة٬ وكأن العلاقات بين الكيانات تمليها انفعالات وتقديرات آنية٬ أو كما لو أنها مجموعة خيارات نأخذ منها ما يريحنا في اللحظة٬ ونتجنب منها ما لا يريح.
أصوات فلسطينية تحدثت في هذا الأمر٬ وبالإمكان تفهم الدوافع في زمن الإغلاق والتدهور٬ وهنالك أصوات إسرائيلية تحدثت في هذا الأمر كما لو أن الضفة طفٌل ضائع يفتش العالم عن أهله٬ وحين يصدر صوت بهذا الاتجاه من داخل إسرائيل٬ فالأمر غالًبا ما يكون أكثر جدية حين يصدر عن الجانب الفلسطيني.
لقد اختار المغفور له الملك حسين بن طلال صيغة تصلح لأن توصف بالاستراتيجية والتاريخية٬ فبقدر ما كانت الضفة عزيزة على قلبه وملكه٬ فرض الواقع الجديد رؤية جديدة لعلاقة الأردن وفلسطين٬ فقد منح الملك منظمة التحرير قبوله لتمثيلها المنفرد للفلسطينيين٬ بما في ذلك الضفة الغربية٬ ومارس سياسة حاسمة في هذا الاتجاه٬ وأعلن أن فك الارتباط الذي أملته معادلة فلسطينية وعربية٬ وعلى نحو ما دولية٬ لن يلغي مسؤوليات الأردن تجاه فلسطين والفلسطينيين٬ وفي أكثر من لقاء مع الفلسطينيين٬ أكد الحسين على المعادلة الجديدة٬ فها هو الأردن بكل ما يملك سند للفلسطينيين في سعيهم لإقامة دولتهم المستقلة٬ وقد ترجم ذلك فعلاً بافتتاح أول سفارة لفلسطين في عمان٬ وأصدر أوامره الصريحة للحكومة وللأجهزة الأردنية بتقديم كل ما يحتاجه الفلسطينيون من أجل إنجاح تجربتهم وهي في مهدها٬ والمقصود هنا مرحلة أوسلو.
وهذا الأساس يمكن أن يبنى عليه الكثير في تنسيق وتكامل العلاقة بين الشعبين المتداخلين اللذين صنعا أقوى وحدة في التاريخ العربي٬ وهذان الشعبان يدركان بالتجربة أن القفز المتسرع وحرق المراحل في التعاطي مع الصيغ المستقبلية سيكون ضرره أكبر بكثير من نفعه٬ والحكمة كل الحكمة في القول إن العلاقات المستقبلية لا تحدد ولا تفرض سلًفا٬ فلكل ظرف وزمن مؤثراته التي لا يصح مصادرتها برؤى تفرضها مؤثرات آنية وانفعالات عابرة.
العلاقة الأردنية ­ الفلسطينية ليست علاقة بين بلدين يتمتع كل منهما باستقلالية تكاد تكون مطلقة عن الآخر٬ بل إنها علاقة صاغها وحماها الاندماج المجتمعي والمصلحي بين الشعبين٬ وهذا يحتم خدمة هذا الكنز بأرقى الصيغ وأسلم الحسابات٬ وهذا أمر بيد الطرفين أن يؤدياه بكفاءة بعيًدا عن استحضار عناوين ومصطلحات٬ وحتى خيارات٬ لا جدوى منها في الوقت الحاضر إلا استنبات خلافات٬ الأردنيون والفلسطينيون في غنى عنها٬ ولا فائدة من إقحامها على الشعبين اللذين يجتاز كٌل منهما قطوًعا مؤثًرا في حاضره ومستقبله.

الأردن..وسام عز وشرف في دعم الفلسطينيين وقضيتهم العادلة

10325784_1172537716092750_4605083188687753089_n

نصيرة فلسطين بالدم ومواقف والرجال

فلسطين-تقرير خاص-

المملكة الأردنية الهاشمية..الدولة العربية الهاشمية الأصيلة الشقيقة..هي الجارة والحبيبة لدولة فلسطين ..تربطهما الجغرافيا ارتباطاً عميقاً أولاً.. وكما هي الأقرب الى فلسطين في كل شيء , فلسطين بحاجة لها في كل شيء.. “الأردن وفلسطين” الشعب الواحد و النهر والهدف ، والمصير الواحد ، تاريخ حافل وثّق تحت عنوان “فلسطين والأردن عنوان الوحدة الأردنية الفلسطينية في الدم والعروبة .

قيادة هاشمية حكيمة

ما يجمع الأردن وفلسطين من قواسم متداخلة ووحدة مصير وتاريخ مشترك ، أن خصوصية هذه العلاقة تجاوزت كل التسميات وأسست فعلياً وواقعياً قصة توأمة عربية حقيقية ، ووحدة شعبين يكملان بعض في جسد واحد وبنيان “أردني فلسطيني” مرصوص ، وروح قيادة هاشمية حكيمة ساهرة على تحقيق أماني البلدين والشعبين في الوحدة والأمن والاستقرار، حتى باتت العلاقات الأردنية الفلسطينية ، نموذجا يحتذى به للوحدة العربية الشاملة .

تميزت المملكة الأردنية الهاشمية بدور كبير وفعال ومميز في دعم القضية الفلسطينية منذ بداياتها ، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال اعتبار الدور الأردني دوراً عادياً طبيعياً، فالأردن تدعم فلسطين وقضيتها العادلة ليس تعبيراً عن كرم أو منّة ، فشاركوها في كل معاركها، وتحملوا الجزء الأكبر من عبئها وتبعاتها عن طيب خاطر باعتبار ذلك واجباً قومياً ودينياً من منطلق أنها تعتبرها قضيتها الأولى إلى أن تتحرر وتقرر مصيرها وتقيم دولتها المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

دماء الأردنيين شاهدة

مخطئ من يعتقد أن دعم الأردن للقضية الفلسطينية وليد اللحظة ، فبصمات الأردن تشهد عليها حرب فلسطين عام 1948 ، والذي شارك الجيش الأردني بفعالية كبيرة مميزة إلى جانب الجيوش ، كما أن معركة الكرامة عام 1968 التي انتهت بهزيمة إسرائيل بعد أن اجتازت نهر الأردن شاهدة على ذلك، هذا بالإضافة للمعارك البطولية التي سطرها الجيش الأردني على أرض القدس وفلسطين خير شاهد ودليل على أصالة وعروبة الأردن، كما ان دماء الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن المسجد الاقصى وثقت العلاقة وزادت من تلاحم الشعبين ، ودماء أوائل الشهداء الأردنيين الذين استشهدوا على ارض فلسطين الشهيدين ، “عبيدات ، والحنيطي ” وهناك الكثيرين ومنهم الطيار فراس العجلوني هم شهداء على القضية ودعمها بالدم قبل أي علاقة أو دور.

ملك الأردن..مواقف الرجال

سجل الملك الأردني عبد الله الثاني مواقف الرجال العظماء ، فلم تغب يوما القدس وفلسطيني عن خطاباته ، مؤكداً أنها من أولى اهتمام جلالته وسعيه الكبير لرفع المعاناة الفلسطينيين ودعم قضيتهم وإسنادهم ، وتعهده بتقديم كل ما يلزم لإسعادهم والتأكيد على حق اللاجئين في العودة الى ديارهم واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف مشددا على ان موقف الاردن ثابت وفي خندق واحد في الدفاع عن القضية الفلسطينية وفي التأكيد على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض، عدا عن المواقف الرسمية للملك الأردن في دعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية .

لم يتوقف دور المملكة الأردنية الهاشمية عند ما ذكر ، بل واصلت مسيرة الدعم والإسناد بأشكال متعددة للشعب الفلسطيني ، ابتداءاً من وصايتها على المسجد الأقصى المبارك والتي ما زالت قائمة ، مروراً بدعم صمود الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصرين منذ عشر سنوات ، وإن من أبرز معالم الدعم الأردني الرسمي للفلسطينيين هو إنشاء المستشفى الميداني الأردني الذي أنشأ بقرار من جلالة الملك عبد الله خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2009 ، ولا يزال قائماً حتى اللحظة يقدم خدماته الصحية والطبية للفلسطينيين بطاقم أردني كامل كريم.

أشكال الدعم..متعددة

ويسجل هنا للدور الأردني اشكالاً متعددة من الدعم أبرزها بلا حصر تسيير قوافل الحجاج الفلسطينيين بشكل سنوي، بالإضافة الى المنح الدراسية والقبولات في الجامعات الاردنية للطلبة، هذا بالإضافة للقوافل الاردنية في دعم الفلسطينيين في الغذاء والدواء والعلاج والتي لا تنقطع ، ناهيك عن جمع التبرعات خلال الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة للفلسطينيين ، واستقبال المساعدات الإغاثية العربية والدولية وإرسالها إلى القطاع، والأهم هو الدور الخيري الكريم في كفالة 1500 يتيم من أبناء قطاع غزة من قبل الملك عبدالله الثاني، وتوفير المأوى للعائلات الفلسطينية التي دمرت بيوتها جراء الحرب الأخيرة على قطاع غزة من خلال تمويل وإرسال 2000 وحدة سكنية (بيوت جاهزة) وتركيب الأطراف والمفاصل الصناعية لحوالي 1000 شخص فقدوا أطرافهم جراء العدوان الاسرائيلي بالتعاون مع جمعية العون الطبي ولجنة الأزمات الأردنية.

الدولة الفلسطينية

قدمت الأردن دعمها بكل ما تملك ولا زالت على مراحل التاريخ ولا زالت، وهي تضع عنواناً نصب أعينها أن الدعم سيتواصل وسيتمر بأشكال مختلفة حتى تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، لتسجل الأردن بذلك أن القضية الفلسطينية قضية الأردن الأساسية، وليسجل للمملكة الأردنية الهاشمية وسام عز وشرف في دعم الفلسطينيين وقضيتهم العادلة .

وختاماً ..لعل أفضل ما يمكن خَتم تقريرنا هذا.. أفضل توصيف قرأته عن طبيعة وحجم الأخوة والتوأمة بين الأردن وفلسطين، هو حديث جلالة الملك حسين بن طلال رحمة الله في إحدى خطبه الشهيرة ، إذ قال: “إن القضية الفلسطينية هي حجر الزاوية في سياسة الأردن الداخلية والخارجية ولئن كانت القضية مقدسة بالنسبة للأمة العربية ، فهي مسألة حياة أو موت بالنسبة للأردن”، وها هو جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين يمضي على ذاك العهد.

صورة ‏ملتقى الوحدة  الفلسطينية  الاردنية (وفا)‏.

الأردن وفلسطين .. جمعتهما الجغرافيا قبل السياسة

images (1) –

تعد العلاقات الفلسطينية الأردنية نموذجا متميزا وفريدا في العلاقات بين الدول العربية فالشعبان الفلسطيني والأردني يرتبطان عدا علاقة الأخوة العربية بعلاقات نسب ومصاهرة وقد كانت الضفة الغربية جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية فالضفتان الشرقية والغربية توأمان وقد جمعتهما الوحدة الجغرافية قبل الوحدة السياسية وقد استجاب المغفور له الملك عبد الله الأول مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية لمناشدة القادة الفلسطينيين بالانضمام الى المملكة الأردنية الهاشمية واقامة وحدة كاملة بين ما تبقى من أرض فلسطين في أعقاب حرب عام 1948 ، وقد وافق مجلس الأمة الأردني في 24/4/1950 على وحدة الضفتين.

وقد كان الملك المؤسس عبد الله الأول حريصا على تمتين علاقات الأخوة بين جناحي المملكة في الضفتين الشرقية والغربية وكان يحرص بصفة خاصة على المحافظة على عروبة القدس وخاصة مسجدها الأقصى المبارك وتمثل ذلك في أنه كان يؤدي صلاة الجمعة في هذا المسجد المبارك حتى سقط شهيدا على باب المسجد في 20 من تموز عام 1951.

وعندما تولى العرش الهاشمي المغفور له الملك الحسين بن طلال فانه سار على خطى جده في الدفاع عن أرض فلسطين وشعبها وورث عن جده الراحل العشق الكبير لبيت المقدس ومسجدها الأقصى المبارك حيث كان يرعاه رعاية خاصة ويشرف شخصيا على شؤونه واعماره وقد باع رحمه الله قصره في العاصمة البريطانية لندن لاعمار مسجد قبة الصخرة المشرفة.

وفي أعقاب حرب الخامس من حزيران عام 1967 بذل الملك الراحل الحسين بن طلال جهودا ضخمة للمحافظة على عروبة المدينة المقدسة ومسجدها الأقصى وكنيسة القيامة وحتى بعد فك الارتباط بين الضفتين في العام 1988 بناء على طلب منظمة التحرير الفلسطينية فان العاهل الأردني ظل مدافعا عنيدا عن القدس ومسجدها الأقصى حيث ظلت المدينة المقدسة أمانة في يد الأسرة الهاشمية الكريمة الى أن تقوم الدولة الفلسطينية ،فما زالت ادارة الأماكن المقدسة في بيت المقدس تخضع للادارة الأردنية حيث تقوم الحكومة الأردنية بالاشراف على دائرة الأوقاف الاسلامية والمحاكم الشرعية في المدينة المقدسة وهي التي تتولى دفع رواتب موظفيها من خزينتها الخاصة.

وقد نهج الملك عبد الله الثاني نهج والده المغفور له الملك الحسين بن طلال في الاشراف شخصيا على ملف المدينة المقدسة التي هي وديعة في يد الهاشميين وهو يسعى ما وسعه السعي للمحافظة على عروبتها وهويتها الاسلامية وحماية أماكنها المقدسة الاسلامية والمسيحية وهو يحمل هم هذه المدينة المقدسة حيثما ارتحل وأينما حل وهو في ذلك انما ينهض بالمسؤولية الكبرى التي التزم الهاشميون بها حيث يرقد جثمان جدهم الأكبر مفجر الثورة العربية الحديثة الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه في ضريحه بالمسجد الأقصى المبارك.

والاهتمام الهاشمي لا يقتصر على المدينة المقدسة فقط بل وينسحب على القضية الفلسطينية أيضا فالأردن الشقيق هو الداعم الأكبر للشعب الفلسطيني وهو معبرهم الى الدول العربية ودول العالم المختلفة وهو رئتهم التي يتنفسون من خلالها كما ويحتوي العدد الكبير من اللاجئين والنازحين الفلسطينيين الذي يتمتعون بكافة الحقوق شأنهم شأن كافة أفراد الشعب الأردني الشقيق.

الملك عبد الله الثاني في طليعة المدافعين عن القضية الفلسطينية وعن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وهو يحمل هم هذه القضية حيثما ارتحل وحيثما أقام وهي قضية أساسية في مواضيع محادثاته في كل عواصم العالم ومع كل الزعماء والقادة الذين يلتقيهم وهو يؤكد باستمرار عدالة القضية الفلسطينية ويدعو الى اعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في انهاء الاحتلال واقامة دولته المستقلة كاملة السيادة في الأراضي الفلسطينية ضمن حدود الرابع من حزيران.

والرئيس محمود عباس يحرص على التنسيق المستمر مع العاهل الأردني في اطار التشاور والتناصح والتنسيق بين القيادتين الفلسطينية والأردنية وهو يطلع العاهل الأردني باستمرار على آخر تطورات القضية الفلسطينية وعلى نتائج الزيارات التي يقوم بها الى العواصم العربية والعالمية والزعيمان الفلسطيني والأردني يصدران توجيهاتهما الى حكومتيهما بالتنسيق والتعاون في كافة المجالات كما ان الاخوة الأردنيين يقدمون لنظائرهم الفلسطينيين ما لديهم من خبرات في المجالات كافة وذلك من أجل ارساء دعائم الدولة الفلسطينية المستقلة.

ولا بد أن نشيد هنا بالزيارات الكريمة التي قام بها مؤخرا كبار المسؤولين الأردنيين للقدس خاصة وللضفة الغربية عامة وهذه الزيارات للمدينة المقدسة انما تعكس الاهتمام الأردني الكبير بالمحافظة على الهوية العربية والاسلامية لبيت المقدس وبدعم المواطنين المقدسيين الذين يعانون من ظروف حياتية صعبة وبالغة التعقيد.

وفي مقدمة هذه الزيارات للمدينة المقدسة زيارة الأمير هاشم بن الحسين شقيق العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في الرابع من شهر نيسان الجاري حيث زار المسجد الأقصى وأدى الصلاة فيه وزار ضريح المغفور له باذن الله الملك الشريف الحسين بن علي وذلك في سياق الحرص الهاشمي الموصول على تفقد ورعاية الأماكن المقدسة في المدينة المقدسة وتقديم مختلف أشكال الرعاية الممكنة للقائمين عليها حيث التقى في هذا الاطار عددا من موظفي وزارة الأوقاف القائمين على رعاية الأماكن المقدسة وقد صحب الأمير الهاشمي في هذه الزيارة الداعية اليمني الحبيب الجفري.

ثم جاءت زيارة الأمير غازي بن محمد الممثل الشخصي للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ومستشاره للشؤون الدينية في الثامن عشر من نيسان الجاري مصطحبا معه مفتي الديار المصرية الشيخ علي جمعة وهذه الزيارة جاءت دعما للمسجد الأقصى المبارك وللمواطنين المقدسيين وللأماكن المسيحية المقدسة حيث زار الأمير غازي والوفد المرافق له بطريركية الروم الأرثوذكس في البلدة القديمة وكان في استقباله والوفد المرافق له البطريرك ثيوفوليوس الثالث بطريرك الروم الأرثوذكس وممثل الرئيس محمود عباس حنا عميرة عضو اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وفي ذات السياق قام مدير الأمن العام الأردني الفريق الركن حسين هزاع المجالي بزيارة المسجد الأقصى المبارك يوم الاثنين الماضي والتقى كبار المسؤولين في دائرة الأوقاف في المدينة المقدسة.

وتأتي زيارات كبار الشخصيات الأردنية هذه الى المدينة المقدسة في اطار ما أعلنه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال رعايته الاحتفال بتوقيع انشاء وقفي الملك عبد الله الثاني بن الحسين لدراسة فكري الامامين الغزالي والرازي اللذين قدمهما هدية للأمة الاسلامية بمناسبة الذكرى الخمسين لميلاد جلالته.

وقد جاءت هذه المكرمة الهاشمية احياء لسنة الوقف الحضارية ولدوره الريادي التعليمي وبمبادرة نوعية جديدة من مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الاسلامي وقد تضمنت الوقفية الأولى التي سميت بـ(الكرسي المكتمل لدراسة فكر الامام الغزالي) انشاء صرح في المسجد الأقصى المبارك لكي يعمر المسجد بالعلماء وبطلبة العلم ولاعطاء دفع علمي وروحي اسلامي لحماة مدينة القدس ولانشاء كرسي أستاذية لتدريس فكر الامام الغزالي ومنهجه في جامعة القدس في أبو ديس والمسجد الأقصى المبارك.

وقد شدد الملك عبد الله الثاني خلال حفل افتتاح الوقفيتين على أن الأردن سيواصل دوره في رعاية وحماية القدس ومقدساتها اضافة الى دعم صمود المقدسيين والحفاظ على مصالحهم وحقوقهم في المدينة المقدسة.

وقد بلغت قيمة كل وقفية مليوني دينار أردني أودعت في مصرف اسلامي لاستثمارها والانفاق من ريعها على المشاريع العلمية التي تهدف الوقفية الى تحقيقها وهذه الوقفية مكرمة كريمة تضاف الى سلسلة المكارم التي قدمها ويقدمها الهاشميون للمسجد الأقصى المبارك منذ عهد المغفور له باذن الله الشريف الحسين بن علي أول المعمرين للمقامات والأماكن الدينية والحضارية في بيت المقدس حيث أعلن أن المقدسات الاسلامية حق شرعي من حقوق الهاشميين وان القدس بالنسبة للهاشميين كالمدينة المنورة ومكة المكرمة فهي كلها أماكن مقدسة.

ولا يتسع المقام هنا لذكر ما قدمه الهاشميون للمسجد الأقصى وبيت المقدس منذ عهد جدهم الأول الشريف الحسين بن علي ولكن نكتفي هنا بذكر واحد مما قدمه الملك عبد الله الثاني للقدس ومسجدها المبارك وهو وضع اللوحة الزخرفية الأولى على منبر صلاح الدين في الأول من كانون الأول من عام 2002 والذي امر والده المغفور له الحسين بن طلال باعادة صنع المنبر بعد احراقه في آب من العام 1969 وها هو المنبر عاد ليحتل مكانه في المسجد الأقصى المبارك.

ان هذه الزيارات الكريمة والتي ستتواصل تؤكد الدعم الأردني للمدينة المقدسة والمواطنين المقدسيين خاصة وللشعب الفلسطيني عامة كما تؤكد متانة العلاقات بين القيادتين الفلسطينية والاردنية والتنيسق والتشاور المستمر بينهما لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين عامة وتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني خاصة وسيظل الأردن المدافع الأول عن الشعب الفلسطيني وحقوقه وستظل العلاقات الأردنية الفلسطينية نموذجا يحتذى به في العلاقات بين الدول العربية ونحن واثقون من ان هذا الدعم الأردني الموصول للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة يلقى كل التقدير والشكر والثناء من القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ،،،،والله الموفق.

بقلم: المحامي راجح أبو عصب