الملك ينتفض دفاعا عن الوحدة الوطنية كتب: الراصد

 كتب: الراصد

الملك عبد الله الثاني يتحدث إلى مثقفين أردنيين الأحد – (بترا)

عمان – في المرصاد – استحق خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني إلى نخبة من المثقفين والأكاديميين الأردنيين، وصف “خطاب الوحدة الوطنية”، بعد أن سيطرت هذه الثيمة على ثلثي اللقاء.

ولا شكّ أن حديث الملك يستشرف “السجالات” التي دارت على الساحة المحلية، فيما يرجح مراقبون أن أقوال الملك تأتي في أعقاب “الزوبعة” التي أثارها المقال الذي نشره الزميل عريب الرنتاوي في صحيفة “الدستور”، والحملة التي أعقبته، والتي كشفت عن اصطفافات “تثلم” الوحدة الوطنية.

وبدت جرعة المكاشفة في كلام الملك عالية، وتنمّ عن إحساسه بالامتعاض، لا سيما وأن الكلام المؤذي بخصوص الوحدة الوطنية طاول الملكة رانيا نفسها، كما طاول رموزا سياسية من أصول فلسطينية، وحاول أن يستعيد مناخات فتنة حقيقية. لذلك لم يكن ذكر الملك لأحداث أيلول التي جرت في العام 1970 أمرا عابرا، بل من أجل رسم حدود الهوية الوطنية الجامعة، والخروج من المنطقة الرمادية التي تصطاد بعض التيارات الهامشية ذات النزعة الإقصائية في مياهها الضحلة!

الملك وهو يحذر من تلك الاصطفافات، يدرك أنها لا تمثل تهديدا على اللُّحمة الوطنية فحسب، وإنما تتعدى ذلك نحو تشكيل تهديد حقيقي على كيان الوطن الأردني الذي يريده بعضهم أن يظهر كما لو أنه هويات متنازعة متناحرة.

الملك شدد على أن “هويتنا الأردنية هوية جامعة لا مفرقة، وهي هوية عربية إسلامية تحتوي جميع أبناء وبنات الوطن”.
ولا يخفي جلالته تخوفه من أن يحمل النقاش حول الهوية الوطنية بعدا ثنائيا صداميا بين المكونين الرئيسيين للمجتمع (الشرق والغرب أردنيين)، محذرا في السياق ذاته من هذه الثنائية التي تؤدي إلى تفتيت المجتمع، ومطالبا في الوقت نفسه بـ”تعميق مبادئ الانتماء للوطن قولا وفعلا، وفي ترسيخ الهوية الوطنية الجامعة لكل الأردنيين والأردنيات”.

وإذا كان الملك يطالب بأن نتحدث عن الوحدة الوطنية “بصوت عال”، فهو يقرر أن “الوحدة الوطنية بالنسبة لي خط أحمر، ولن نقبل أو نعطي المجال لنفر قليل مهما كانت منابته ومشاربه وغاياته أن يخرب مستقبل الأردن”.

وإن كان الشق الأول من حديث الملك عن الوحدة الوطنية موجّها إلى الأردنيين بعامة مع بعض التخصيص للأردنيين من أصل فلسطيني، فإن جلالته توجّه إلى الشرق أردنيين بخطاب خاص يطمئنهم فيه على أن الأردن لن يكون وطنا بديلا للفلسطينيين.

فجلالته يرى أن ما يسمى “الخيار الأردني”، هو مجرد “وهم سياسي، وأحلام مستحيلة”، و”أن الوطن البديل ليس له وجود إلا في عقول ضعاف النفوس”، فبالنسبة إلى جلالته “الأردن هو الأردن، وفلسطين هي فلسطين”، لذا لم يأت من فراغ وصف الملك لهؤلاء بـ”المجانين”، وهو ما أحجمت عن ذكره وكالة الأنباء الأردنية (بترا) التي بثت الخبر!

الملك عبّر عن رفضه لأي نقاش يكون موضوع الوطن البديل جزءا منه، فهو أمر “غير مقبول على الإطلاق، ولا يجوز أن نتحدث بنفس الموضوع كل سنة. هناك من يكبّر الموضوع، والخائفون هم الذين يثيرونه”.

ويحاول جلالته أن يزيد من “جرعات” الاطمئنان حين يكشف عن أنه ليس هناك “من أي مسؤول أميركي أو غيره، أي ضغط على الأردن باتجاه حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن”.

وللمرة الأولى، يشير الملك إلى “الجيش المستعد للقتال” من أجل إحباط أي تفكير من هذا النوع، ومن أي طرف كان: “هل يعقل أن يكون الأردن بديلا لأحد ونحن جالسون لا نحرك ساكنا، لدينا جيش ومستعدون أن نقاتل من أجل وطننا ومن أجل مستقبل الأردن، ويجب أن نتحدث بقوة، ولا نسمح حتى لمجرد هذه الفكرة أن تبقى في عقول بعضنا”.

وإذا كانت الشفافية هي سمة الحديث بمجمله، فإنها تصل إلى بعد غير مسبوق حين يؤكد الملك أن “جميع المواضيع يجب أن تطرح للنقاش”، مبينا أنه لا يوجد شيء يمكن أن يُخجل منه “حتى إذا كان هناك من يريد الحديث عن أحداث السبعين”، وهي الأحداث التي يقول مراقبون إنها عمقت من الشرخ بين المكونين الأساسيين للمجتمع الأردني، بعد مواجهات مسلحة استمرت لأسابيع بين الجيش الأردني النظامي وبين فصائل المقاومة الفلسطينية التي كانت متواجدة في كثير من المناطق الأردنية، وقتل على أثرها أفراد من الطرفين.

الملك يشير إلى أن “موقف الأردن بالنسبة لدعم القضية الفلسطينية ودعم حقوق الشعب الفلسطيني لا يسبقه علينا أحد”، ويبدي تفاؤله حين يؤكد أن “الأردن ومستقبل فلسطين أقوى من إسرائيل اليوم، والإسرائيلي هو الذي يخاف اليوم. ويقول “عندما كنت في الولايات المتحدة تحدث معي أحد المثقفين الإسرائيليين، وقال إن ما يجري في الدول العربية اليوم سيصب في مصلحة إسرائيل، وأجبته أنني أرى العكس، فوضعكم اليوم أصعب من ذي قبل”.

ويعيد جلالته استعراض ما يمكن تسميته “الموقف الأردني الثابت” في النظر إلى القضية الفلسطينية وآفاق حلها، والمتمثل في حل نهائي يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف، وتطبيق عادل لحق العودة والتعويض.

وفي شأن الإصلاح، يبين الملك مرة أخرى أنه يأتي من أجل “النهوض بالحياة السياسية والحزبية”، لافتا إلى أن الأردن لديه فرصة مهمة “لتشكيل أنموذج متقدم للإصلاح في المنطقة”، فجلالته يؤكد “ليس لدينا أي تخوف بالنسبة للإصلاح، ونحن ماضون قدما”. ويقول “نحن نسير قدما بالنسبة إلى الإصلاح السياسي، و نريد أن نحضّر أنفسنا لصفحة جديدة بالنسبة لمستقبل الأردن”.

رأي واحد حول “الملك ينتفض دفاعا عن الوحدة الوطنية كتب: الراصد

  1. والله لو فتح مجال للفتنه لن نستطيع الخروج من بيوتنا بامان . نشكرك يا جلالة ملكنا الغالي على حبك للجميع بدون تميز وحرصك علينا كشعب واحد بدون اي تفرقة

اترك رداً على سهى الحسنات إلغاء الرد