الهوية الوطنية الأردنية”

الهوية الوطنية الأردنية”

د. خالد عبيدات  May, 2010 09

image

لا ضير في تكرار تأكيد ما هو أكيد. فالدولة تعتبر أرقى تنظيم وصلته البشرية وهي تنحت طريقها الحضاري الصاعد إلى السعادة فهي قمة المبتغى. وخير دليل أذكره على ذلك التأكيد هو أن العالم كله قد نظم نفسه على شكل دول ثم أنشأ نادياً شاملاً لهذه الدول ألا وهي هيئة الأمم المتحدة التي تضم تحت جوانحها حتى اليوم مائة وخمساً وتسعين دولة. وللأسف فإن الشعب الفلسطيني وإن كانت منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الوحيد والشرعي فإنها لا تحظى بعضوية ذلك النادي الدولي إلا بصفة مراقب وإن كان لها سفارات في الكثير من دول العالم التي اعترفت بدولة فلسطين بعد أن تم اشهارها في الجزائر سنة 1988 من قبل المجلس الوطني الفلسطيني. ما زال الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية وجميع الدول العربية بالاضافة إلى مجموعة من الدول الفاعلة الأخرى يسعون إلى تحقيق الحل السلمي الذي يقوم على توليد دولة فلسطينية على التراب الفلسطيني تحيى جنباً إلى جنب دولة إسرائيل.
أعود على التأكيد على أن الدولة لكونها أعظم إنجاز بشري فقد أصبح من حق أي شعب أن يقرر مصيره بنفسه وأن تكو,ن له دولته الخاصة به. هكذا أراد الشعب الأمريكي على سبيل المثال والأمر ينسحب على جميع شعوب العالم. وهكذا أيضاً أراد الشعب الأردني. إنما الدولة الفلسطينية لم تتحقق بعد على الرغم من أن الشعب الفلسطيني ما زال مستمراً في نضاله لاقامة دولته منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى اليوم.
وبدون الدخول في تفاصيل دقيقة جداً أو حتى بدون الدخول في خطوط عريضة جداً فإن “الهوية الوطنية” أصبحت أهم بل أوضح معالم الدولة بل إن الهوية والدولة مفهومان متطابقان تماماً. فهناك دولة أمريكا وبنفس الوقت هناك وبالتوازي الهوية الأمريكية. وهناك المملكة الأردنية الهاشمية وبالتداعي هناك الهوية الأردنية. ولو أخدنا الأمر بترتيب معاكس لوصلنا إلى نفس النتيجة أي هناك الهوية الامريكية فهناك إذن الدولة الامريكية. وهناك الهوية الأردنية فهناك بالتداعي الدولة الأردنية. ولكن هناك الهوية الفلسطينية ولكنها ما زالت تسعى الى قيام الدولة الفلسطينية. والفلسطينيون قد نكلت بهم دولة إسرائيل فشردت الأغلبية الساحقة منهم فأصبحوا لاجئين. ومن بين هؤلاء المشردين إكتسب الكثيرون جنسيات الدولة التي لجأوا إليها ومنهم الكثيرون الذين لم يكتسبوا أية جنسية. والمعروف أن من يكتسب جنسية جديدة يكتسب بالتداعي هوية تلك الجنسية. والمعروف أيضاً أن الجنسية المكتسبة لا تنسي الانسان موطنه الأصلي ولا يتحقق هذا النسيان إلا بتتالي الأجيال. فالأمريكيون إذا تذكروا جنسية أجدادهم الأوائل وإذا افتخروا بها فإن ذلك لا يعني أبداً إلا تمسكهم الشديد بمواطنتهم الأمريكية وجنسيتهم الأمريكية وهويتهم الأمريكية.
وفي بلدنا الأردن الأقرب قلباً وروحاً وحدوداً إلى فلسطين وإلى الفلسطينيين والذي سبق واتحد مع الضفة الغربية وحدة إندماجية دستورية كاملة في 1950 من البديهي أن يكون الجميع مواطنين يتمتعون بهوية الدولة أي الهوية الأردنية. وكان نص الوحدة الأردنية الفلسطينية الدستورية واضحاً حينما أكد على أن هذه الوحدة لن تعيق الحل النهائي للقضية الفلسطينية. وجاء حديث جلالة المرحوم الحسين بن طلال واضحاً في مؤتمر القمة العربي المنعقد في الرباط 1974 إذ أشار جلالته إلى أن الجنسية المكتسبة للفلسطيني لا تفقده المطالبة بحقوقه المغتصبة في فلسطين.
وللدقة أكثر فيما يتعلق بالعلاقة الأردنية الفلسطينية, فلا داعي أن أكرر الاشارة إلى ما كان يؤكده ياسر عرفات على الدوام بأن الأردني والفلسطيني توأمان ولا داعي أن أؤكد على أهم الأدبيات السياسية الأردنية وهي (فيما يتعلق يجب الأردن والدفاع عنه فنحن في الأردن كلنا أردنيون. أما فيما يتعلق يجب فلسطين والدفاع عن فلسطين فنحن جميعاً فلسطينيون).
والهوية الأردنية راسخة وبنفس الوقت واضحة كوضوح المملكة الأردنية الهاشمية. وإذا كان الأردن كحقيقة في الجغرافيا كغيره من الحقائق المصرية أو العراقية أو الفلسطينية… الخ.. الخ فإن الهوية الأردنية بالمعنى المعاصر قد قامت بنفس اللحظة التي قامت بها الدولة الأردنية. أن “الشرعية” قائمة منذ سنة 1921 وهي راسخة رسوخ الشراه وجلعاد وشيحان وعجلون. ولا تداخل ولا غموض في الهوية الأردنية فلا خوف إذن عليها فالأردنيون لا يعرفون الخوف!!.
E-mail:KHALID.OBAIDAT@ORANGE.JO

أضف تعليق